منذ بضعة أيام تساءلت ، فقد ورد سؤال إلي خاطري : هل تحيا القانون ويموت ، كالبشر ، أي هل للقانون دورة حياة : يولد ، ينمو ويكبر ثم يصاب بالشيخوخة والعجز ويموت ؟
أو بمعني آخر هل هناك مدة زمنية لبقاء سريان القوانين دون تغيير ، وبفرض جواز هذا الأمر ، ماهي المدة الزمنية ( العمرية) لبقاء صلاحية القانون ، أو التشريع ؟
والحقيقة أن السبب في طرح هذا التساؤل هو ، ما يثار حالياً حول جمود بعض القوانين والتشريعات دون تغيير لمدد طويلة ، وصل بعضها إلي مايزيد عن نصف قرن ؟
فإن هذا الأمر ، له دلالات كثيرة ، يجب علي المشرع والمسؤول الوقوف عندها والتفكر والتدبر … فالقانون وجد ووضع لتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع ، وبين المواطن والسلطة الحاكمة .
فيفاء القوانين والتشريعات جامدة محنطة ، دون تغيير وتحديث ، له احتمالات ، أهمها:-
اولها: أن المشرع في حالة انعزال انفصام عن المجتمع وواقع متغيرات ومتطلبات الحياة المواطن والسلطة والمجتمع محلياً وخارجياً.
ثانيها: أن المجتمع هو مجتمع إصابة التيبس و التجمد والتقوقع ، لا يتغير ولا يتفاعل مع المناخ المحيط به ، وتلك من صفات وسمات الأموات أو اللذين يعيشون خارج إطار الزمن .
وفقا لخبراء وعلماء العلوم الإنسانية ، أن المدة البينية بين جيل وجيل آخر جديدة هي مدة تتراوح بين 20-30 عاماً.
وعندما ينتبه ( يرغب أو يريد ) المشرع أو المسؤول إلي ضرورة التحديث وتغيير لبعض القوانين والتشريعات ، لمسارية الواقع والمستجدات ، يقابل بجبال وصخور تقف عقبة و عائق أمام التغيير والتعديل أو التحديث ، ويتجلي ذلك في القوانين والتشريعات التي ذات الصلة بالعقود ، وخاصة عقود الإيجار ، لماذا ؟ الإجابة بكل بساطة : هي أن صيغة التعاقد تكون بين طرفين ( العاقدان) المؤجر
و المستأجر… فأي تغيير يطرأ على تلك القوانين أو تلك التشريعات ، سوف يكون في صالح طرف علي حساب الطرف الآخر ، وهنا يكمن لب المشكلة المجتمعية ، ويفقد التشريع أو القانون
الهدف والغرض منه ، وهي: المساواة
و العدل واحقاق الحق.
وأخيرا ، فإن القوانين والتشريعات يجب أن تكون حية وليست ميتة … فهي وضعت لتلبية احتياجات المواطنين والمجتمع والدولة ، بقاءها دون تحديث أو تطوير أو تغيير أو تعديل هي من الكبائر ، فاتورة إصلاحها غالباً باهظة التكاليف ، إقتصاديا وماليا واجتماعيا
ونفسيا ، مما يؤثر علي الأمن والسلم والاستقرار المجتمعي .
رسالة ورجاء الي كل مشرع وكل مسؤول ، أجعل من القوانين كائن حي دائما يتواكب و معاصر مع متغيرات ومتطلبات الحياة ، فالقانون في فرنسا ودول أوروبية كثيرة يتغير لمصلحة الفرد والمجتمع والدولة ، وخاصة القوانين ذات الصلة بالمجالات والمزايا الاجتماعية والاقتصادية والمالية والعقود والتعاقدات الإيجارية ،
تصديقاً لقوله تعالي : ” كل يوم هو في شأن ” صدق الله العظيم…مع خالص تحياتي .